إن أحد الأمور الأكثر أهمية حول العلاقة هو فهم الشخص الذي سترتبط بعلاقةٍ معه، وهذا ينطبق أيضا على الله. يجب أن تفهم طبيعة الله وصفاته الأساسية لكي تكوّن معه علاقة سليمة. إن سوء فهم طبيعة الله وصفاته هو أحد الأسباب لعدم إقامة العديد من الناس علاقة إيجابية معه. وهذا تماما ما حدث في جنة عدن عندما تعرّض آدم وحواء للتجربة مِن قِبل الحية. فقد دخلا في تجربة وعصيا الله، وأوقعا الجنس البشري كله في الخطية. وكان كل ذلك بسبب عدم فهمهما لطبيعة الله.
إن القصّة المذكورة في تكوين ٣:۱-٥، معروفة لدى معظم الناس: وَكَانتِ الْحَيةَّ أحْيلَ جَمِيعِ حَيوَاناَتِ الْبرِّيةِّ التِّي َعَمِلهَا الرَّبُّ الإِلهُ، فقَاَلتْ لِلْمَرْأةِ: أحَقاًّ قاَلَ اللهُ لاَ تأَكُلاَ مِنْ كُلِّ شَجَرِ الْجَنةِّ؟ فقَاَلتِ الْمَرْأةَ لِلْحَيةِّ: مِنْ ثمَرِ شَجَرِ الْجَنةِّ نأَكُلُ، وَأمَّا ثمَرُ الشَّجَرَةِ التِّي فيِ وَسَطِ الْجَنةِّ فقَاَلَ اللهُ: لاَ تأَكُلاَ مِنْهُ وَلاَ تمَسَّاهُ لِئلَاَّ تمُوتاَ. فقَاَلتِ الْحَيةَّ لِلْمَرْأةِ: لنْ تمُوتاَ! بلِ اللهُ َعَالِمٌ أنَهَّ يوْمَ تأَكُلانِ مِنْهُ تنَفتِحُ أعْينُكمَا وَتكُوناَنِ كَاللهِ َعَارِفيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ.
هناك عبارة مخفية قالها الشيطان هنا، وهي أن الله ليس إلها صالحا حقا… إنه كان يحاول أن يخفي شيئا ما عن آدم وحواء… وإنه لم يرغب في أن يُحققا إمكاناتهما الكاملة… وإنه لم يرد أن يكونا مثله… وإن السبب الذي من أجله وضع قانون الامتناع عن الأكل من شجرة معرفة الخير والشر كان لإعاقتهما والتسبب بأذيتهما. بمعنى آخر، هاجم الشيطان طبيعة وصفات الله ذاتها عندما افترى عليه بقوله إن الله لم يرغب في إعطاء الأفضل لهما. الشيء نفسه يحدث للناس اليوم، حيث يقول لهم الشيطان، “إذا سرتم مع الله ولم تجربوا كل هذه الأشياء المناقضة لكلمته، فإنكم لن تختبروا السعادة الحقيقية. فالحياة ستكون مُضجرة… ميتة”. لكن الحقيقة المحزنة هي أن خبرة الناس هي حقيقة أن المخدرات، والكحول، والجنس، والتمرُّد، وإشباع الشهوات الذاتية والنجاح في كل الأعمال، وكل الأشياء الأخرى التي جربوها، لم توَلّد الشعور بالرضا والاكتفاء. وعندما يدركون هذه الحقيقة يكونون قد دمروا حياتهم وعائلاتهم وصحتهم.
الحقيقة هي أن الله هو إله صالح، وإرادته لنا هي أيضا صالحة. لكنّ الشيطان يستخدم اليوم التجارب والإغراءات نفسها التي هاجم بها آدم وحواء في جنة عدن، مما يعني ضُمنا بشكل رئيسي أن الله ليس إلها صالحا .
إن ما يريده الله هو أن يصالح البشرية معه لا أن يدينها… أن لا يحسب لهم خطاياهم ولا أن يعاقبهم عليها. هذا هو قلب الله نحو شعبه في الكتاب المقدس، وهذا هو قلبه نحوك اليوم. عليك أن تفهم قلبه الحقيقي بأنّ “الله محبة” (۱ يوحنا ٤: ٨). إنه يسعى إلى أن يمحو خطاياك وإزالة أيّ شيء قد يفصلك عنه. وهو قد فعل هذا من خلال يسوع، وهو يعرض عليك علاقة معه اليوم، علاقة ليست مبنية على أدائك، بل على إيمانك وقبولك ليسوع بأنه حملَ خطاياك. بإمكانك الحصول على علاقة مع الله اليوم بصرف النظر عن مجالات فشلك في الحياة. إنّ جُلّ ما يطلبه منك الله هو أن تضع إيمانك في الرب يسوع المسيح.
لكي يكون لدينا علاقة إيجابية مع الربّ، يجب أن نعرف طبيعته وصفاته الحقيقيّة. هل هو غاضبٌ بسبب خطيتنا، أم هو إلهٌ رحيم يريد أن يعطينا حياته وبركاته دون أيّ اعتبار لأدائنا؟
اقرأ تكوين ٣ و ٤. لدى معظم الناس المفهوم القائل إنه عندما أخطأ آدم وحواء ضدّ الله، ولأن الله كان قدوسا والإنسان خاطئا، فإنه لم يكن بإمكان الله التعامل مع البشرية الخاطئة. واعتقدوا بأن الله طرد الإنسان من الجنة لكي يزيله من حضرته لأن الإله القدوس لا يمكنه مطلقا التعامُل مع الإنسان النجس. ويعتقدون أيضا أنه إلى أن تُنقي حياتك بواسطة الأعمال الصالحة، فإن الله، مرّةً أخرى، لا يمكنه إقامة علاقةٍ معك. لكنّ هذه الفكرة تناقض الرسالة التي أتى بها يسوع. تقول الآية في رومية ٥: ٨ إن الله بين محبته لك لأنه وأنتَ بعدُ خاطئ، مات المسيح لأجلك. إذن، يعلمنا العهد الجديد أن الله وهبك محبته بينما كنتَ تعيش في الخطية، وليس بعد أن قمت بتنقية حياتك. إن إحدى الحقائق العظيمة في الإنجيل التي ستغير حياتك هي أن تدرك أن الله يحبك كما أنتَ. إنه يحبك كثيرًا جدًّا إلى درجة أنك إذا قبلتَ محبته، فلن ترغب في بقائك كما أنت. إنك ستتغير، لكنك سوف تتغير نتيجة لمحبة الله وليس للحصول على محبته.
في تكوين الأصحاح ٤، نرى أن الله لا يزال في شركة مع الإنسان، فهو لا يزال يتحدّث مع آدم وحواء حتى بعد أن خَطِئا. تحدّث مع قايين وهابيل، وعندما أتيا ليقُدّما له القرابين، كلمهما بصوتٍ مسموع. ونرى أيضا من خلال ردّ فعلهما أنهما كانا مُعتادَين على سماع صوته، وأن صوته لم يُخيفهما.
إن كلّ هذا يعني أن الله لم يزل في شركة مع الجنس البشري ولم يفكّ هذه الشركة، كما هي الفكرة العامّة. لم يكن الله يحسب خطايا الإنسان ضدّه. هل هذا يعني أنه كان يوافق على خطاياهم ويتغاضى عنها، أو أنهم لم يكونوا مُخطئين؟ كلاّ، إنما كان ذلك هو السبب الذي لأجله أعطى الناموس في نهاية المطاف. كان على الله أن يعطي الناموس ليعيد الإنسان إلى المقياس الصحيح. كان على الله أن يبين للإنسان أنه في حاجة إلى مُخلص وأن عليه أن يتضِع ويقبل الغفران كعطية. للأسف، تلاعبَ الدين بهذه الأمور وسيطر عليها ليعلم الناس أن الناموس أعطيَ لهم ليطيعوه وبذلك ينالون غفران الله وقبوله. كلاّ! كان هدف ناموس العهد القديم هو تعظيم خطيتك إلى درجة أن تيأسَ تماما من خلاص نفسك وتقول، “يا إلهي، إذا كان هذا هو مقياسك للقداسة، فأنا لا أستطيع تحقيقه. أقبل يسوع مخلص لحياتي واستقبل غفرانك لي”. إن طبيعة الله الشاملة كانت ولا تزال دائمًا هي المحبة.