قلب الآب السماوي

1

“أيْ إنَّ اللهَ كانَ في المَسيحِ مُصالِحًا العالَمَ لنَفسِهِ، غَيرَ حاسِبٍ لهُمْ خطاياهُمْ، وواضِعًا فينا كلِمَةَ المُصالَحَةِ”. (٢كورنثوس ە:۱۹)  

لم يُبدِ الأب في قصة الابن الضال أي غضب على ابنه لأنّه بدَّدَ ميراثه في حياته العابثة والطائشة! كان من المفترض أن يكون هناك غضب وتوبيخ من الأب، لكنّنا لا نرى شيئًا من هذا على الاطلاق. لماذا؟ لقد قال يسوع هذا المثل لفريقين من الناس: الخُطاة وجُباة الضرائب الذين يأكل معهم، والفريسيّون الذين تضايقهم مُعاشرته للخُطاة.

بحسب الثقافة اليهودية في ذلك اليوم فإنّ ما فعله الابن الضال بأبيه كان أكبر إهانة لوالده. وكانت العائلات – وكردة فعل على مثل هذا الموقف – تُقيم جنازة على الابن الجاحد و يعتبرونه بحكم الميت. ولا يُذكَر فيما بعد كجزء من العائلة.

عرف يسوع أن هذا المثل سيزعج الفريسيين، لكنّه أيضًا سيكشف قلب الله لهم. في هذه القصّة هناك أب له ولدان؛ كان الابن البكر يعمل جاهدًا من أجل أن يكسب حب والده ويحافظ على احترامه وإرثه، في هذا المثل يبرز التوضيح للتناقض بين الحياة في ظل العهد القديم والحياة في ظل نعمة العهد الجديد.

أولئك الذين عاشوا تحت الناموس كانوا مدركين للخطيئة لأنّ الناموس أُعطي ليُظهر لإسرائيل خطاياهم وحاجتهم إلى مخلص.وأمّا النّاموسُ فدَخَلَ لكَيْ تكثُرَ الخَطيَّةُ. ولكن حَيثُ كثُرَتِ الخَطيَّةُ ازدادَتِ النِّعمَةُ جِدًّا” (رومية ە:٢٠).

احتفظ الأخ الأكبر بسجّل لكلّ خطايا أخيه الأصغر، وذكّر أباه بها. كان ذلك لمحاولة التأثير على والده ليعاقبه وفقًا لما يستحقه على خطئه بحسب رأيه!

الأمر الرائع في الحوار الذي دار بين الابن الأكبر والأب كان في ردّ فعل الأب، إنّه يعرف كلّ هذه الأخبار مسبقًا، لا جديدَ فيها، لقد سمع اعتراف ابنه الضال بخطاياه في وقت سابق، وكان لديه نفس ردّ الفعل، لم يقل شيئًا، لم يوبّخ ابنه الضال على خطاياه وجحوده. وهذا تمامًا ما يريد يسوع أن يفهمه كل من سمع بهذا المثل. ويريد أن يُبرز التناقض بين العهدين القديم والجديد. فالناموس يذكرك بخطاياك، في حين يذكرك عهد النعمة أنّ بدم يسوع قد غفر الله خطاياك ونسيها.

إنّ قلب الأب يمثل حقيقة العهد الجديد الذي يتجاوز مشاعر الابن الضال وشعوره بالفشل وعدم الاستحقاق، إلى رغبة في المصالحة ورد الاعتبار له كابن محبوب؛ من خلال الغفران بدم المسيح المسفوك على الصليب بحب غير مشروط.

تعليق 1
  1. Rola يقول

    هللويا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.