إن إحدى الآيات المعروفة لدى المؤمنون أكثر من غيرها في الكتاب المقدَّس هي يوحنا ۱٦:٣. يبدو أن الجميع يعرفون هذه الآية من سن مبكرة، لكنني أعتقد فعلا أنه قد أسيء فهمها وتطبيقها. تقول الآية، “لأنه هكذا أحبّ اللهُ العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كلّ من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية”.
استخدِمت هذه الآية تقليديا لتعلمنا أن يسوع أتى ومات من أجل خطايانا لكي لا نهلك. بقدر ما كانت هذه الفكرة صحيحة، إلا أن هذه الآية تقول إن السبب الحقيقي لمجيء يسوع إلى هذه الأرض وموته من أجلنا هو لكي نحصل على الحياة الأبدية. لكن صادفَ أن خطايانا كانت حاجزًا يقف بيننا وبين نيل هذه الحياة الأبدية .
صحيح أن يسوع مات فعلاً من أجل خطايانا، وصحيح أيضا القول إنه إن آمنا بيسوع فلن نهلك، إلا أن معنى الإنجيل يتضمّن أكثر من ذلك بكثير. إن رسالة الإنجيل الحقيقية هي أن الله يريد أن يعطيك الحياة الأبدية. دعني أوضح لك ذلك.
في الليلة التي سبقت صلبه، كان يسوع يصلي، قال ،“وهذه هي الحياة الأبديةّ أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته”. (يوحنا ٣:۱۷)
تقول هذه الآية إن الحياة الأبدية هي معرفة الآب، الإله الحقيقي الوحيد، ومعرفة يسوع المسيح الذي أرسله. هذا هو معنى الحياة الأبديةّ. يعتقد كثيرٌ من الناس بأن الحياة الأبديةّ هي العيَش إلى الأبد. حسناً، كلّ إنسانٍ يحيا إلى الأبد. من المفاهيم الخاطئة أن نعتقد أنهّ عندما يموت شخصٌ ما فإنهّ يتوقف عن الوجود. فالروح والنفس تعودان إلى الله لكنّ الجسد يتعفن في القبر. والحقيقة هي أن كلّ إنسانٍ قد عاش على وجه هذه الأرض سوف يستمر في الحياة في شكلٍ روحٍ. لذلك ،إن قولنا إنّ الحياة الأبدية هي العيش إلى الأبد ليس الحقيقة كاملة – إن كلّ شخص يعيش إلى الأبد. توضح هذه الآية بشكلٍ كبيرٍ أنّ الحياة الأبديةّ مع الله لا تُمنحُ بشكلٍ تلقائيّ للجميع.
قد يقول البعض، “الحياة الأبدية هي العيَش إلى الأبد في السماء في مقابل العيش إلى الأبد في جهنم”. لكن الحياة الأبدية هي تمامًا ما قاله يسوع في يوحنا ٣:۱۷– معرفة الله ويسوع المسيح. إنها أكثر من مجرّد المعرفة العقلية.
تستخدم هذه الكلمة “يعرف” في الكتاب المقدّس لوصف العلاقة الشخصية الأكثر حميمية التي يمكنك أن تقيمها مع شخص آخر.إن الهدف الحقيقي للخلاص ليس العيش إلى الأبد في السماء، مهما كان ذلك الهدف عظيمًا. إنّ الهدف الحقيقيّ للخلاص هو حصولك على علاقةٍ حميمةٍ – علاقةٍ شخصية مع الرب الإله. هناك جموٌعٌ غفيرةٌ من الناس الذين توسّلوا إلى الله طلباً لغفران خطاياهم، لكنّ هدفهم لم يكن قط إقامة علاقةٍ حميمة مع الله.
إننا بتقاعَسنا عن شرح المعنى الحقيقي للخلاص نسيء إلى الإنجيل. عندما نقدّم الخلاص كشيء له معانٍ روحيةٍ فحسب يُفيدنا في المستقبل فقط، أي في الأبدية، فإننا لا نساعد الآخرين على فهمه. فهناك بعض الأشخاص الذين يعيشون، حرفيا، في مثل هذا الجحيم الآن على وجه الأرض. يُعاني الكثيرون من الاكتئاب ويعيشون في الفقر ويُعانون من النزاعات والرفض والأذى والزيجات الفاشلة. يحاول الناس فقط البقاء على قيد الحياة يومًا بعد يوم. إنهم يحاولون مجرّد تجنّب المتاعب والصعوبات. فعندما نقدّم الخلاص كشيء له علاقة بالمستقبل فحسب، فإن الكثيرين سوف يؤجّلون ذلك القرار لأنهم منشغلون جدا بمجرّد محاولة البقاء على قيد الحياة اليوم .
الحقيقة هي أن يسوع لم يأت فقط بهدف التأثير في مصيرنا الأبديّ حتى نتمكّن من العيش إلى الأبد في السماء في النعيم بدلاً من عقاب ولعنة الجحيم، لكنه أتى أيضا لكي ينقذنا من هذا العالم الحاضر الشرير (غلاطية ٤:۱). أتى يسوع ليمنحك اليوم علاقةً حميمةً وشخصية مع الله الآب .
هللويا