“إِنَّ اللهَ يُقَاوِمُ الْمُتَكَبِّرِينَ، وَلَكِنَّهُ يُعْطِي الْمُتَوَاضِعِينَ نِعْمَةً” (يعقوب ٦:٤).
المسيحي القوي، الفائق للطبيعة، النّاجح، المزدهر، والذي شُفي… هو الشخص الذي يثق تماماً في نعمة يسوع. لمثل هذا الشخص، الله قادر على أن يُعطي نعمة أكثر، ونعمة أكبر لمواصلة عيش الحياة المنتصرة الخارقة للطبيعة.
فئة واحدة من الناس، لا تستطيع نعمة يسوع اختراقها وهم “أصحاب البرّ الذاتي”، الذين يحملون ثمار الكبرياء. فالإنسان المُتكبّر، يُمجّد صلاحه ويُثني على نفسه مقابل كل الهدايا التي يمنحها الله مجّاناً بنعمته. مثل هذه العلاقة تقف حاجزاً أمام يسوع من إظهار مدى محبته واهتمامه!
سمعت واعظاً على وسائل الإعلام، مُستخدماً هذه الآية لإدانة الناس وتوبتهم في كنيسته! بإعترافهم بخطيئة كبريائهم! ما جرّبه هذا الواعظ هو تعديل سلوك كنيسته، وهو أمر مُؤقّت وله تأثير قصير المدى. كان يحاول فقط أن يتعامل مع الثّمرة، بدلاً من الجذر، الذي هو “البرّ الذاتي”.
دعا الله بني إسرائيل في البرية “شعباً مُتكبّراً وصُلبَ الرَّقبة”(خروج ٩:٣٢). لماذا كانوا مُتكبّرين؟ السّبب: أنّهم واثقين ومُتّكلين على قدرتهم في حفظ جميع قوانين الله. تفاخروا في قلوبهم بنسبهم الإبراهيمي، وأنّهم شعب الله المختار القادرين على فعل كل ما يأمر به الله. فقادتهم ثقتهم هذه إلى الغطرسة والكبرياء غير مُتذكّرين قول الكتاب:“لاَ تَكُنْ حَكِيمًا فِي عَيْنَيْ نَفْسِكَ”(أمثال ۷:٣)، لذلك، أعمى الكبرياء عيونهم وقلوبهم تماماً عن استقبال نعمة الله.
المتكّبر الذي يثق بجهوده مليء بالذات، مثل الكأس الممتلئة، ولا يُمكن للمرء أن يملأ كوباً ممتلئاً بالفعل! لا يستطيع الله أن يسكب نعمته بمثل هذا الكأس. عندما لعن يسوع شجرة التين (مرقس ٢۱:۱۱)، كان في الأساس يلعن كل برّ الإنسان الذاتي. كان أول أمر قام به آدم عندما أخطأ “خياطة أوراق التين” لإخفاء عريه، وهذا “صورة للجهد والبرّ الذاتي”. لم يعتمد أبداً على الله ولم يطلب منه النّجاة!! لكن عندما يلعن المؤمن برّه الذاتي، ويبدأ بالثّقة في برّ الله، تبدأ النعمة في التدفّق. قوّة النعمة هي التي تجعل الشيطان بلا قوّة. وعندما يخضع المؤمن لبرّ الله ويُقاوم الشيطان، سيهرب منه حتماً (يعقوب ۷:٤).
لماذا “يهرب الشيطان”؟
لأن الشيطان يصبح عاجزاً، وليس لديه ما يدين المؤمن الذي يثق في برّ يسوع، أما إذا كان المؤمن يثق بجهوده، فسيبقى الشيطان قوياً، لديه ما يشتكي ويتّهم به المؤمن.
لذلك، من السّهل جداً أن نقع في فخّ البرّ الذاتي، ونُصيب أنفسنا بالعمى الرّوحي عن النعمة الرائعة التي من الله.
التواضع، ليس عرضاً خارجياً للظهور بالضّعف والشّفقة والمسكنة!! بل هو ثقة داخليّة في برّ المسيح. هذا هو تعريف الكتاب المقدس للتواضع.
و”المتواضع” ليس الشخص المُتّكل على نفسه، بل هو الشخص الواثق في المسيح والمُتّكل عليه، وفي وضع يسمحُ له بالإيمان وبشكل مجاني أن يتلقّى ويستقبل نعمة فوق نعمة. فالحياة جميلة وممتعة للمؤمن الذي يعيش تحت نعمة المسيح المجانيّة.