سلطان المؤمن بالمسيح

0

أعطانا الله سلطاناً كمؤمنين. ولكي نعالج هذا الموضوع علينا أن نتطرّق ليس إلى السلطان الذي لدينا فحسب، بل لسلطان الشيطان أيضًا. لقد أُعطِيَ اهتمامًا لا يستحقّه ونُسِبتَ إليه قوّة مُبالغٌ فيها. وانقادَ المسيحيّون في الاعتقاد بأنّنا نحارب كائناً يفوقنا قوَّةً، وبأننّا لا نكاد نكون قادرين على التعامل معه. لكن ليس هذا ما يعلمّه الكتاب المقدّس على الإطلاق. يقول الكتاب المقدّس في أفسس ۱۲:٦،“فإنّ مصارعتنا ليست مع دَمٍ ولحمٍ بل مع الرؤساء مع السلاطين ومع وُلاة العالم على ظلمة هذا الدهر، مع أجناد الشرّ الروحيّة في السماويات”. إذن، الشيطان هو أحد العوامل وهو موجودٌ. كما أنّ لديه تسلسلٌ هرميٌّ من الرؤساء والسلاطين الذين نتعامل معهم، لكن الآية التي تسبق هذه الآية تقول إنّ علينا أن نثبتَ ضدَّ مكايد إبليس. لأن القوّة الوحيدة التي يملكها الشيطان ضدّنا هي الخداع.

في تكوين الإصحاح ٣، نرى أنه خلال التجربة الأولى ضدّ آدم وحوّاء، لم يستخدم الشيطان بعض قواه العظمى .على سبيل المثال، بدلاً من أن يسكنَ في حيوانٍ ضخمٍ أو في فيلٍ، ويضعَ قدمه على رأس آدم مُهدّدًا كليهما قائلاً، “اخدُماني وإلاّ”، سكنَ في حية، المخلوق الأكثر خداعًا من مخلوقات الله، أو الأكثر خُبثاً ومكرا. إنّ السبب الذي جاء من أجله الشيطان من خلال الحيةّ هو لأنهّ لم يكن لديه في الواقع القوّة لإرغام آدم وحوّاء على عمل أيّ شيءٍ. كلُّ ما كان باستطاعته أن يفعله كان الخداع. لقد هاجم طبيعة الله وصفاته وبدأ بانتقاده قائلاً، “الله لا يحُبكما في الواقع – إنّه يحجب أشياء عنكما”. استخدمَ الشيطان الخداع ليجُرّب آدم وحوّاء ويغريهما بارتكاب الخطية ضدّ الله. كانا هما مَن يملكان السلطان كلّه، والسبب الذي من أجله قام الشيطان بهذا العمل وبهذه الطريقة هو لأنه لم تكون لديه القدرة على مواجهة الله.

عليك أن تدرك أنّ الشيطان لا يملك أية قوَّةٍ وسلطانٍ عليك. إنهّ عدوٌّ مُنهزم. إنّ قوّته الوحيدة ضدّك هي أن يهاجمك بالكذب والخداع. إذا كانت حياتك تتحطّم الآن، يمكنك أن تقول: “إنّ الشيطان هو الذي يوجّه إليَّ هذه الطلقات” ،لكنّك أنتَ مَن يزُوّده بالذخيرة. يجب عليك أنتَ أن ترُدَّ على أكاذيبه وخداعه.

أوَدُّ أن ألخّص بسرعة بعض الأشياء. في البدءِ، كان الله، طبعاً، يملك كلّ السلطان. ولذلك كلِّ سلطانٍ وقوَّةٍ ينبثقان من الله لأنه الوحيد الذي يستمدُّ قوّته من ذاته. وكلُّ شيءٍ آخر يكون بتفويض منه. عندما خلق السماء والأرض ،كان لديه كلّ قوّة و سلطان. ثمّ عندما خلق الله آدمَ وحوّاء في تكوين 26:1، قال: ” فيَتَسَلَّطونَ علَى سمَكِ البحرِ وعلَى طَيرِ السماءِ وعلَى البَهائمِ، وعلَى كُلِّ الأرضِ، وعلَى جميعِ الدَّبّاباتِ الّتي تدِبُّ علَى الأرضِ”. ضَعْ هذه الآية مع الآية في مزمور ۱٦:۱۱٥ التي تقول، “السمواتُ سمواتٌ للربِّ. أمّا الأرض فأعطاها لبني آدمَ”. هذا يعني:” أن سماء السماوات للّه، لكنه أعطانا المسؤولية تجاه الأرض”.

كان الله يملك كلّ شيءٍ لأنه هو الخالق، لكنه أعطى السلطان على الأرض لكائناتٍ بشريّة. لم يكن لدى الشيطان على الإطلاق الحقّ والقوّة ليملك على الأرض. لقد حصل عليهما من خلال خداعه الإنسان ليرتكب الخطيّة. فقد أعطى الله تلك القوّة والسلطان للجنس البشريّ، وعندما سقط الإنسان في الخطيّة، سلّم سلطانه وقوّته اللذين أعطاه إياهما الله إلى إبليس. إنّ الله لم يُعطِ الشيطان قطَ أيّة قوّة لقمعِ الإنسان أو للسيطرة على هذه الأرض.

يقولُ الكتاب المقدَّس إنّ الشيطان هو رئيسُ هذا العالم، لكن ليس لأنّ الله جعله رئيس هذا العالم. لم يضع الله على الإطلاق الشيطان في مركزٍ يسود فيه على الجنس البشريّ. لقد أعطى الله الإنسان المُلك والسلطان على الأرض.

السبب الوحيد الذي جعل الشيطان قادرًا على قمع الإنسان والسيطرة عليه وعلى خلقِ المشاكل التي يفتعلها، هو لأنّ الناس أعطوه سلطانهم المُعطى لهم من الله. وهذا ما تسبّب بمشكلةٍ حقيقيةٍ لله لأنه روحٌ ولأنه أعطى السلطان على هذه الأرض للكائنات البشريّة. إنّ الأشخاص الذين لديهم أجسادٌ ماديّة هم الوحيدون الذين لديهم سلطان وقوّة ليحكموا الأرض، ويمارسوا سلطتهم عليها. ليس على الشيطان إلاّ أن يأتي إلينا ويجعلنا نسلّمه سلطاننا. ولهذا السبب هو يحبُّ أن يسكنَ في جسدٍ ما. في الكتاب المقدّس، ينبغي أن يكون هناك جسدٌ ما لتمتلكه الشياطين، لأنّ الشيطان لا يقدر أن يفعل شيئاً ما لم يستخدم جسد إنسانٍ ماديّ ليعمل من خلاله. لأنّ الله هو روحٌ وقد أعطى السلطان لكائناتٍ بشريّة ماديّة، فهو الآن، بمعنىً ما، مُقيّد اليدين. ليس السبب هو أنّ الله لا يملك القوّة والسلطان، لكن السبب هو أمانته ونزاهته. لقد أعطى السلطة لكائناتٍ بشريّة، ولكي يكون صادقاً في كلمته، فإنه لا يستطيع أن يسترجع هذا السلطان ويقول: “لم أرد أن تجري الأمور على هذا النحو؛ انتهى الوقت، فلنتوقّف، سأبدأ من جديد”. كلاّ، لأنّ الله ألزمَ نفسه بكلمته. هذه الحقيقة تؤكّدها كلمة الله:

“لِأنَّ اللهَ لَا يَتَرَاجَعُ عَنْ عَطَايَاهُ وَدَعوَتِهِ”. (لا ينتزع ما قدّمه، ولا يغيّر رأيه حول أولئك الذين وهبهم نعمته، أو لمن وجّه إليهم دعوته) (رومية ۲۹:۱۱ الترجمة الموسّعة).

إذن، ماذا كان باستطاعته أن يفعل؟

كانت رغبة الله هي أن يُعيد للإنسان ما فقده آدم. ولشدّة محبته لنا، أتى إلى العالم بنفسه وأصبح إنساناً. لقد ولد من امرأة ليكون ۱٠٠% إنسان، وولد من الروح القدس ليكون ۱٠٠% إله. مع كونه الله، لكنه قرّر أن يتنازل عن ألوهيّته ويأتي إلى الأرض في صورة إنسان. هذه أخبارٌ رائعة عندما نفهمها، لأنّ إبليس الآن أصبح في ورطةٍ كبيرةٍ. فقد كان يستخدم قوّة الإنسان ولم يستطع الله أن يتدخّل مباشرةً ليحلَّ جميع هذه المشاكل لأنّ الإنسان كان يسلّم الشيطان سُلطانه المُعطى له من الله بكامل إرادته وبطريقةٍ مشروعةٍ. كان الشيطان مُخطئاً في ما فعله، لكنّ الإنسان أعطاه السلطان والقوّة التي كانت له. لكن الآن، أتى الله ليس كروح فحسب، لكن في شكلِ جسدٍ بشريّ. وهذا ما وضعَ إبليس في وضع سيّء لأنّ الله لم يكن له سلطانٌ في السماء فحسب، بل عندما أصبح إنساناً أعطى السلطان ليسوع على الأرض. قال يسوع في يوحنا ۲٦:٥-۲۷، “لأنَهَّ كَمَا أنَّ الآبَ لهَ حَياَةٌ فيِ ذَاتِهِ، كَذلِكَ أعْطَى الابْنَ أيْضًا أنْ تكُونَ لهَ حَياَةٌ فِي ذَاتِهِ، وَأعْطَاهُ سُلْطَاناً أنْ يدِينَ أيْضًا، لأنَهَّ ابْنُ الإِنْسَانِ”. كان يشُيرُ إلى جسده البشريّ.

أتى يسوع ومارسَ سلطانه الذي أعُطِيَ له من الله. جرَّبه إبليس، لكنّ يسوع لم يستسلم له على الإطلاق. خسرَ الشيطان كلّ معركةٍ معه. ثمّ حمل يسوع خطايانا ومات لأجلها. ذهبَ إلى الجحيم، وقامَ ثانيةً وقال في متى ۱٨:۲٨، “دُفِعَ إليَّ كلّ سلطانٍ في السماء وعلى الأرض”. لقد استعاد السلطان الذي كان الله قد أعطاه للإنسان، لكنّ الإنسان أساء استخدامه، ولدى يسوع الآن، كونه الله المُتجَسّد، كلّ سلطانٍ في السماء وعلى الأرض. وفي الآية التالية قال: “الآن، اذهبوا، افعلوا هذه الأشياء”. كان في الواقع يقول: “لديَّ الآن كلّ سلطانٍ في السماء وعلى الأرض، وأنا أتقاسمه معكم”. لكن في هذه المرّة، هناك فرقٌ فريدٌ من نوعه في السلطان الذي أعاده الله لنا كمؤمنين. إنه سلطانٌ مُشترَك بيننا وبين الربّ يسوع المسيح. إنه لم يعدُ سلطاناً أعُطِيَ لنا فقط كما أعطيَ لآدمَ وحوّاء. كان بمقدورهما أن يتخليّا عن السلطان ويسمحا لإبليس بأن يقمعهما فيصبحان جوهرياًّ يائسَين، لكنّنا نتقاسمُ اليوم سلطاننا مع يسوع المسيح. إنّ الوضع يشبه وجود حسابٍ مصرفيّ مُشترَك يتطلبَّ توقيع الاثنين لصرف شيكٍ ما. نحن نتقاسم سلطاننا مع الربّ يسوع، ويتقاسم هو سلطانه مع الكنيسة .

على الرغم من أنّنا قد نفشل، إلاّ أنّ الله لن يُسلّم هذا السلطان على الإطلاق إلى إبليس مرَّة أخرى. الشيطان عاجزٌ تمامًا. وليس لديه القدرة على أن يفعل أيّ شيءٍ في حياتك، في ما عدا ما يخدعك لتقوم به وما أنت تسلّمه له طوعًا. قد تعُطيه سلطاناً في حياتك، وقد تُعاني نتيجة ذلك، لكنّ السلطان الذي أعطاه الله للإنسان لن ينتقل مطلقاً كحق قانوني لإبليس. إنّنا نتقاسمه الآن مع الربّ يسوع، وهو سيبقى أميناً مهما كانت الظروف. يجب أن تدرك أنّك أنتَ مَن لديه السلطان والقوّة. إبليسُ يحاربك بالأفكار، لكنّ أسلحتك هي مِنَ القوّة بحيث تستطيع أن تأسر بها هذه الأفكار.

إنيّ أصلّي أن تفهمَ هذه الحقائق وتتأمّلها وسيُعطيك الله الإعلان بأنّك أنت مَن يرتعدُ الشيطان أمامه. يجب ألاّ ترتعدَ أمام الشيطان لأنّك أنتَ مَن لديه القوّة والسلطان. إن قاومتَ إبليس، سيهربُ منك (يعقوب ۷:٤).

لا يجب أن تتفوّق الحياة عليك، لكنك أنت تتسلط عليها لأن الرب منحك السلطة لتحكم كملك وتحيا باسمه فأنت معروف ومميّز في عالم الروح والآن استفد بهذا. فإن كنت مصاب بمرض، أو سقم، أو فقر، أو أي تحدّي، أدرِك بأنك مغلّف بسلطان إلهي وسوف تتغير كل الأمور لأن الذي فيك أقوى من الذي في العالم! أشجعك أن ترسّخ هذه الحقيقة في قلبك.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.